حفل اليوبيل الذهبي، كلمة مـعـالـي الـدكـتـور محمد سليمان الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَلاةُ والسلامُ على أفضل الأنبيـاءِ والمرسـلينْ، سيدِنا مُحمدٍ الأَمينْ، وعَلى آلِهِ وصَحْبهِ أجْمَعِين ومَن تَبعَهُم بإحْسَان إلَى يوم الدِّين
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة الرياض، نيابةً عن راعي الحفل، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رعاه الله
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
- يشرِّفني أن أرحب بكم جميعاً في هذا اليوم التاريخي، احتفالاً باليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي للتنمية، وهي لحظةُ فخرٍ واعتزازٍ تَشهدُ على الجهودِ الكبيرةِ التي بذلها الجميعُ لبناء هذا الصرحِ الرائدِ وتوفيرِ الظروفِ المواتيةِ لنجاحِه.
- فقبل خمسينَ عاماً، بمبادرةٍ متبصِّرةٍ من الملكِ فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وبعضِ إخوتِه من قادةِ العالم الإسلامي، تأسس البنكُ الإسلامي للتنمية في قلب المملكة العربية السعودية ليكونَ مؤسسةً ماليةً تنمويةً متعددة الأطراف، تُعزز التعاونَ فيما بين بلدانِ منظمةِ التعاونِ الإسلامي، وتُسهم في تحقيقِ الرفاهيةِ للشعوبِ الإسلامية.
- من هنا، من مدينة الرياض، موطنُ التاريخِ والتقدمِ ورمزُ الوحدةِ والتلاحم، انطلقت رحلتُنا قبل نصفِ قرن. ويشاءُ اللهُ سبحانه وتعالى أن نجتمعَ اليومَ في نفس المكان الذي احتضن أوَّلَ اجتماعٍ لمجلسِ المحافظين في عام 1975. وهو الاجتماعُ الذي افتتحه خادمُ الحرمين الشريفين، الملكُ سلمانَ بن عبدالعزيز - رعاه الله - حين كان أميراً لمنطقة الرياض.
- وجاء إنشاءُ البنكِ تطبيقاً لبيانِ العزمِ الذي وقعه وزراءُ ماليةِ 22 دولةً من الدولِ الأعضاء المؤسِّسة للبنك في المؤتمرِ الإسلامي لوزراءِ المالية الـذي عُقد في مدينة جدة في ديسمبر 1973.
- وهذا العزمُ يستمد بعضَ جذورِه مما عُهد في المملكة العربية السعودية من حزمٍ وعزم. وهنا تَحضُرني المقولةُ الخالدةُ للملك عبد العزيز رحمه الله "الحزم، أبو العزم، أبو اللزم، أبو الظفرات .... والترك، أبو الفرك، أبو الحسرات".
- وإذ نستعيدُ ذكرياتِ تلك اللحظاتِ العظيمة ونتأمل مسارَنا على مدى الخمسين عاماً الماضية، أود أن أعرب، أصالةً عن نفسي ونيابةً عن مجموعةِ البنك الإسلامي للتنمية، عن عظيمِ الامتنانِ لسيدي خادمِ الحرمين الشريفين ولولي عهدِه الأمين صاحبِ السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على كرمِ استضافتِنا اليومَ في الرياض لنحتفلَ بالذكرى الخمسينيةِ للبنك، وعلى الدعم القوي الذي ما فتئت تقدمه المملكةُ العربيةُ السعوديةُ لمجموعةِ البنكِ الإسلامي للتنمية طيلةَ مسيرتِها. وهو دعمٌ نابعٌ من التزامِ المملكةِ بتعزيزِ التنميةِ والتضامنِ في ربوعِ العالمِ الإسلامي.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
أيها السيدات والسادة،
- لقد كانت بدايتُنا هنا من المملكة العربية السعودية، حيث انطلقنا من مؤسسةٍ تضم 22 بلداً إلى أن وصلنا حالياً إلى مجموعةٍ من خمسِ مؤسساتٍ تتألف من 57 بلداً عضواً موزعة على أربع قارات. كما زادت قاعدةُ رأس المال والتمويلاتُ الإنمائيةُ زيادةً هائلة، حيث بلغ إجمالي اعتماداتِ البنك منذ النشأة أكثرَ من 182 مليار دولار أمريكي، خُصِّصت لتمويلِ ما يزيدُ على 12 ألف مشروعٍ إنمائي.
- وما كان لهذه الإنجازاتِ لتتحققَ لولا توفيقُ الله سبحانه وتعالى ثم تضافرُ جهودِ بلدانِنا الأعضاء التي كانت شريكةً لنا في هذه الرحلة وفي بناءِ هذا الصرحِ العظيم بفضل ثقتِها المستمرة ودعمِها القوي. ولا يفوتني هنا أن أشكرَ المنظماتِ الإنمائية الشريكة التي واكبتنا طيلةَ هذا المشوارِ وكانت رفيقةَ دربنا.
- كما أتوجه بعميقِ الشكرِ والتقديرِ لأعضاءِ مجلسِ المحافظين ومجلسِ المديرين التنفيذيين على ثقتهم بالبنك والدورِ الريادي الذي اضطلعوا به في توجيهِ مسيرته بثباتٍ وحكمة. فقد كانوا دوماً عوناً لنا وسنداً ورافعةً أساسيةً لتحقيق أهدافِنا ورسالتِنا.
- وبهذه المناسبة، أتقدم بخالصِ الشكرِ والتقديرِ لرؤساءِ البنكِ السابقين، الذين بذلوا جهوداً جبارةً وأسهموا بكل فعاليةٍ في بناءِ صرحٍ شامخٍ للعمل الإسلامي المشترك.
- وهنا أتوجه بشكرٍ خاص للرئيس الفخري لمجموعة البنك معالي الدكتور أحمد محمد علي الذي كرّس حياتَه المهنيةَ لخدمةِ هذه المؤسسةِ وأسهمَ إسهاماً كبيراً في نجاحِها وإشعاعِها. وهو معنا مباشرة من بيته في جدة.
- كما أُعرب عن عميقِ الامتنانِ لجميعِ موظفي البنكِ السابقين والحاليين الذين كانوا عمادَ هذه المؤسسةِ وركيزةً أساسيةً للنجاحات التي حققتها حتى أضحى البنكُ الإسلاميُ للتنمية مؤسسةً إنمائيةً عالميةَ الطِراز.
- وفي الختام، أود أن أؤكد لكم أننا إذ نعتز بماضينا العريقِ وحاضرِنا الملهِم، فإننا نتطلع إلى المستقبلِ بنفس العزمِ والتفاؤل. ونحن نعكف حالياً على دراسة الخططِ لرسم استراتيجيةٍ جديدةٍ للبنك تستشرف المستقبلَ وتواكبُ الرؤى الطموحةَ لبلدانِنا الأعضاء، وتستفيدُ من النجاحاتِ والتجاربِ التي راكمها البنكُ في خدمةِ التعاونِ وتبادلِ المعارفِ والخبرات فيما بين البلدانِ الأعضاء.
- وبذلك سنواصل العملَ بكل قوةٍ وجهدٍ للمساهمةِ في تحقيق تطلعاتِ بلدانِنا الأعضاء في مجالاتِ التنميةِ الاقتصادية والاجتماعية وتقديمِ حلولٍ فعالةٍ للتحديات التي تواجهنا جميعاً، بإذن الله تعالى. فعملُنا لا يقتصرُ على توفيرِ الحلولِ لتحدياتِ اليومِ فحسب، بل إنَّنا نعمل أيضاً على توفير الحلولِ للأجيالِ المقبلة التي لم تولد بعد، فرسالتنا الأبدية هي خدمة الإنسانية.
- وأختم بتجديدِ الشكرِ والامتنان لراعي حفلِنا هذا، حكومةُ المملكة العربية السعودية، على كرمِ الضيافةِ وحسنِ الوفادة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رعاهما الله.
وشكراً لكم جميعاً على تشريفكم لنا في هذه المناسبة التاريخية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته