الأوقاف
معلومات أساسية عن الأوقاف
الأوقاف أصول تخصص بطريق التبرع أو الوصية أو تُشترى لتُمسك على سبيل الأمانة الدائمة لأغراض خيرية عامة أو خاصة مفيدة للمجتمع. ويشبه مفهوم الوقف من نواح كثيرة مفهوم الهبة المعروف في الغرب. وقد أدى التركيز القوي على إدامة الأوقاف إلى تراكم كبير للثروة المجتمعية على مر السنين، حتى أصبحت الأوقاف تمثل قطاعًا اقتصاديًا مهمًا مكرس لتحسين الرفاه الاجتماعي والاقتصادي في البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية والبلدان غير الأعضاء التي تضم مجتمعات مسلمة أو سكان مسلمين.
ولا تقتصر الأوقاف على قائمة محدّدة من المستفيدين، بل تشمل أساسًا برامج لتخفيف وطأة الفقر والإغاثة من الكوارث وخدمات صحية مجانية ونشر للتعليم الديني والعصري والتراث والثقافة والبيئة. وبالتالي، يمكن للفكرة التي تقوم عليها الأوقاف أن تنطوي على أهمية بالغة للأوساط الإنمائية في مجملها، بالإضافة إلى كونها هيكلية ذات أهمية دينية.
وقد أدت الأوقاف دوراً رئيسياً عبر التاريخ لتوفير تمويل مستدام للعديد من الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك التعليم والصحة على سبيل المثال لا الحصر. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 60 في المائة من الخدمات العامة أثناء الخلافتين الأموية والعباسية كانت تُنفّذ عن طريق هيكلية الوقف. فكانت الأوقاف تموّلُ أولاً الخدمات الاجتماعية الأساسية (والبنية التحتية) المتعلقة بالتعليم والصحة، بالإضافة إلى دعم المحتاجين بسبل للعيش أو الضمان الاجتماعي. كما أدت الأوقاف، إلى جانب تلبيتها هذه الاحتياجات الأساسية، دوراً مهماً في تطوير الحياة الثقافية والعلمية بفضل تمويلها لإنتاج الكتب وبناء المكتبات ودعمها للعلماء في مختلف العلوم الدينية والدنيوية.
تفعيل دعم الأوقاف في البنك الإسلامي للتنمية
يعكس صندوق تثمير ممتلكات الأوقاف سعي البنك الإسلامي للتنمية إلى تفعيل دعمه لقطاع الأوقاف. فصندوق تثمير ممتلكات الأوقاف يقدّم الأوقاف كأداة تنمية قائمة على التمويل الاجتماعي، مع مراعاة مبادئ الفقه ذات الصلة. ويعدّ صندوق تثمير ممتلكات الأوقاف صندوقا فريدا من نوعه على ساحة بنوك التنمية متعددة الأطراف، وذلك من خلال المـَهمّة المنوطة به والمتمثلة في تمويل إنشاء و/أو تطوير عقارات وقفية إسلامية، كما أنه يركّز بشكل كبير على الاستدامة المالية طويلة الأجل بين الأجيال.
ويعمل صندوق تثمير ممتلكات الأوقاف عن طريق تمويل بناء أو شراء أصول عقارية مادية (بالاعتماد على صيغ تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية) من شأنها أن تحقق عائدًا. وتُستخدم هذه العوائد بعد ذلك لسداد المبالغ المستحقة لصالح الصندوق، فيما تُستخدم المبالغ المتبقية لدعم أنشطة المستفيد أثناء فترة السداد. وبعد هذه الفترة، يُسجّل الأصل باعتباره وقفًا ويعود كل الدخل الناتج إلى المستفيد، مما يساعد على توفير مصدر دخل مستدام لأنشطة المستفيد المرغوبة اجتماعيًا.
وقد نجح صندوق تثمير ممتلكات الأوقاف بصفته آلية لتفعيل الأوقاف وتحقيق أثرها الإنمائي في إثبات نجاعة هذا المفهوم الذي بات جاهزا للتطبيق على نطاق أوسع. ويبلغ إجمالي رأس المال المدفوع لصندوق تثمير ممتلكات الأوقاف 112.44 مليون دولار أمريكي مُكمّلاً بخط تمويل بقيمة 100 مليون دولار أمريكي من البنك الإسلامي للتنمية، كما تشتمل محفظة مشاريع الصندوق على 55 مشروعًا في 27 بلدا عضوا أو غير عضو في البنك الإسلامي للتنمية بقيمة إجمالية تبلغ 1.22 مليار دولار أمريكي. وقد أثبتت هذه المشاريع أنه يمكن للأوقاف بشكل عام ولنموذج صندوق تثمير ممتلكات الأوقاف بشكل خاص الاضطلاع بدور إنمائي مهم للغاية. ورغم أنّ التوثيق العلمي للأثر الناتج عن ذلك يقع خارج نطاق هذا المنشور، خاصة لما يتسم به من نظرة على مراحل سابقة، فإنه يعطي فكرة عن المجالات المواضيعية للأثر المحقق، فضلا عن إثبات أثر محدد في بعض الحالات.